مغارة قاديشا
مغارة قاديشا التي تستريح تحت جذوع غابة
أرز الرب ، وتطل على وادي القديسين ، تمثل الوجه الاخر لطبيعة بشري المميزة
والغنية بجمالهاالمادي والمحسوس، الذي عطرته قداسة النساك والحبساء الذين سكنوا
جبة بشري منذ القدم.
مغارة قاديشا هي لوحة جمال من
رسم الخالق ، تكونت في صمت وسكون التاريخ ، وفي عتمة الأيام على مر السنين .
مرتشحات مياه نهر قاديشا
تحولت الى اشكال هندسية ، يعجز الأنسان عن فك ألغازها .
مزهريات محجرة ، وسقوف مزخرفة
بالتخاريم ، تماثيل منتصبة ، ودمى تتدلى في اطار من الروعة والجلال،
مغارة قاديشا هي سر من اسرار
الطبيعة ، كما هي غابة أرز الرب ، تحاكي التاريخ ،
وتحمل في ذاتها عظمة تشهد
باستمرار لقدرة الخالق اللامحدودة.
نبذة تاريخية عن مغارة قاديشا
كان في دير مار يوسف الكائن
في محلة الضهر – بشري ، كاهن يدعى يوحنا بركات المزوق رحمه ،
يعيش حياة تقشفية ونسكية ،
وعنده المام في اكتشاف مكنونات طبيعة بشري وجغرافيتها .
وفي احد أيام الخريف من سنة
1903 ، حاول اكتشاف مرتشحات نهر قاديشا ،
وحين وقع نظره على عين الماء
الواقعة أعلى مصب النهر .
فحاول الدخول من تلك الكوة
التي كان يخرج منها الهواء بارد ، لكنه لم ينجح لشدة البرودة وصعوبة الوصول الى
الداخل .
وبالرغم من محاولاته المتكررة
واللاحقة ، لم يصل الى نتيجة .
وشاءت الظروف أن وافته المنية
قبل تحقيق رغبته.
وانتشر الخبر في بشري عن وجود
مغارة قرب مصدر نبع قاديشا ، فتألفت لجنة بشراوية قوامها المهندس البير نقاش والخوري
مطانيوس جعجع وبطرس شبيعة ، مهمتهما الكشف عن هذه المغارة.
وبدأت محاولات الاولية من دون
اية وسيلة مساعدة ، الى ان تمكن الخوري مطانيوس جعجع وحنا دلا جعجع من الدخول وعلى
بعد مسافة محدودة عادا وأخبرا رفيقيهما عما شاهداه ،
وبعد أيام تمكنو من دخول الى
عمق المغارة ، وكانت الفاجأة مناظر هندسية رائعة من صنع الطبيعة .
وأنتشر الخبر عن اكتشاف مغارة
سميت (( مغارة قاديشا )) نسبة الى نبع قاديشا الذي ينبع من داخلها .
ولم يطل الامر حتى انيرت
المغارة بالمصابيح ، وبعد افتتاح معمل قاديشا الكهربائي أنيرت بالكهرباء .
وتسلمتها البلدية منذ سنة
1935 ، على ايام القائممقام انيس بك عجمي .
من المآثر التي دونها القنصل
الفرنسي العام في دفتر الزوار سنة 1933 (( أراني مأخوذا بجمال هذه المدينة ( بشري
) وأرزها التاريخي الخالد ، ومغارتها أعجوبة الله ، وخصوصا بضيافتها الفائقة .
وأخالني عاجز عن وصف مناقب
خلابة كهذه .
ولقد وقع في نفسي أن من رأى
ما رأيت ، يشاطرني الاعجاب ، لذلك أرفع آي الشكر لمن قام بهذا العمل الجبار .
(( مع اكتشاف مغارة قاديشا في
بشري ، اكتملت حيثيات التميز الطبيعي الذي وهبه الله لهذه البلدة )) .
وقد يكون هناك مغاور أخرى
تشبه مغارة قاديشا أو أكثر جمالا منها ، بحاجة الى من يكتشفها ، في منطقة بشري ،
نظرا لكثرة اليانبيع والانهار الموجودة فيها ، والتي تنبع من الجبال التي تحيطها ،
التي تتلقى سنويا أعلى نسبة من كمية الامطار
والثلوج الهاطلة في لبنان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق